في إحدى الليالي الباردة من عام 1955 خرجت عاملة الخياطة (روزا باركز) ذات البشرة السمراء، من محل عملها قاصدة محطة وقوف الحافلة لكي تذهب الى محل سكناها. وأثناء وقوفها شاهدت منظرًا مؤلما ومألوفًا، و هو قيام رجل أسود من كرسيه ليجلس مكانه رجل أبيض !
لم يكن هذا السلوك وقتها نابعًا من روح أخوية، أو لمسة حضارية؛ بل لأن القانون الأمريكي آنذاك كان يمنع منعًا باتًّا جلوس الرجل الأسود وسيده الأبيض واقف. حتى وإن كانت الجالسة امرأة سوداء عجوزا، وكان الواقف شابًا أبيض في عنفوان شبابه، فتلك مخالفة تُغرم عليها المرأة العجوز!
وكان مشهورًا وقتها أن تجد لوحة معلقة على باب أحد المحال التجارية أو المطاعم مكتوب عليها: "ممنوع دخول القطط والكلاب والرجل الأسود"!
وصلت الحافلة واستقلتها (روزا) ورمت بنفسها على إحدى المقاعد الفارغة إلى أن جاءت المحطة التالية، وصعد الركاب، وإذ بالحافلة ممتلئة، وبهدوء اتجه رجل أبيض إلى حيث تجلس (روزا) منتظرًا أن تفسح له المجال، لكنها نظرت إليه بلامبالاة، وعادت لتطالع الطريق مرة أخرى!
ثارت ثائرة الرجل الأبيض، وأخذ الركاب البيض في سب (روزا) والتوعد لها إن لم تقم من فورها وتجلس الرجل الأبيض الواقف، لكنها أبت وأصرت على موقفها، فما كان من سائق الحافلة أمام هذا الخرق الواضح للقانون إلا أن يتجه مباشرة إلى الشرطة
كي يتم التحقيق مع تلك المرأة السوداء التي أزعجت السادة البيض. وبالفعل تم التحقيق معها وتغريمها 15 دولارًا؛ نظير تعديها على حقوق الغير!
كي يتم التحقيق مع تلك المرأة السوداء التي أزعجت السادة البيض. وبالفعل تم التحقيق معها وتغريمها 15 دولارًا؛ نظير تعديها على حقوق الغير!
وهنا .. انطلقت الشرارة في سماء أمريكا، وثارت ثائرة السود بجميع الولايات، وقرروا مقاطعة وسائل المواصلات، والمطالبة بحقوقهم كبشر لهم حق الحياة والمعاملة الكريمة.
استمرت حالة الغليان مدة كبيرة، امتدت ل 381 يومًا، وأصابت أمريكا بصداع مزمن.
استمرت حالة الغليان مدة كبيرة، امتدت ل 381 يومًا، وأصابت أمريكا بصداع مزمن.
وفي النهاية، خرجت المحكمة بحكمها الذي نصر (روزا باركس) في محنتها، وتم إلغاء ذلك العرف الجائر وكثيرًا من الأعراف والقوانين العنصرية.
أصدر كتاب لها باسم ( القوة الهادئة) 1994 تحكي فيه تفاصيل الحادثة، وحصلت على الوسام الرئاسي للحرية عام 1996.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق