الجمعة، 31 مارس 2017

مع سوزان يوسف سلمان (فهد)

رحلة ذكريات... مع سوزان يوسف سلمان (فهد)
عبدالله حبه - موسكو
  
                   زوجة الرفيق فهد مع ابنتهما سوزان                              الرفيق فهد بريشة فنان روسي
انتقلت ايرينا غيورغيفنا زاسورينا (1911 – 1975) ارملة الرفيق فهد الى عالم الخلود دون ان تكشف الكثير عن علاقتها بزوجها يوسف سلمان (فهد) الذي عرفته بالاسم المستعار (فرانك) ، ولم تتحدث عن كيفية اختفائه فجأة كما ظهر فجأة في حياتها. ولم تعرف أرملة الشهيد بنبأ استشهاده الا بعد مضي تسعة اعوام حين جاء الى موسكو الشهيد جمال الحيدري بعد ثورة 14 تموز عام 1958 وبحث عنها. وفي المرات العديدة التي التقيت بها كانت ايرينا تردد دوما : "إن ما حدث اصبح في طيات الماضي .. وانا سعيدة بأنني تعرفت عليه وانجبت منه ابنتنا الوحيدة سوزان لأنني لم ألتق ابدا برجل مثله في دماثة الخلق وحلاوة المعشر والثقافة العالية ، لهذا احبه جميع الاصدقاء والمعارف .ولو قيض لي ان اتزوج مرة أخرى فأنني كنت سأتمناه دون غيره". لكنها كانت تتجنب ايراد أية تفاصيل عنه او عن علاقتها به.
وبعد وفاتها كنت اواصل اللقاءات مع الابنة سوزان وزوجها ايليا وبقية افراد، كما كانت تحضر مع زوجها احيانا الاحتفال السنوي بتأسيس الحزب في 31 آذار. وتتصدر غرفة الاستقبال في بيتهم الواقع في اطراف موسكو لوحة زيتية كبيرة للرفيق فهد انجزها احد 
 
الفنانين من اصدقاء العائلة. ويشير الاحفاد الى اللوحة بإعتزاز "هذا جدي".
زوجة الرفيق فهد
وبمناسبة اقتراب موعد الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب طلبت من سوزان ان تحدثني عن ذكريات امها وكيف تعرفت على الرفيق فهد وكيف كانت علاقاته مع اسرة جدتها التي احبته واصبح واحدا من افراد العائلة انذاك حتى سفره المفاجئ الى الوطن (العراق) دون ان تعرف ماهو وطنه الحقيقي.

قالت سوزان : "كانت أمي من عائلة ذات اصول سويدية واستونية، حيث كانت الجدة اميليا سويدية اما الجد فرديناند فهو من استونيا . وقد استقرت الاسرة في روسيا واعتنق افرادها الديانة الارثوذكسية. اما والدها فكان فنانا في الحفر على المعادن والسباكة وعمل في دار صك النقود في قلعة بطرس وبافل في سانكت - بطرسبورغ. وقد عرفت اسرته بممارسة هذه المهنة خلال فترة طويلة وتناقلها افرادها ابا عن جد.

انتقلت الاسرة الى موسكو في عام 1918 اي بعد قيام ثورة اكتوبر بسبب تحول العاصمة الى موسكو. وقد توفي رب الاسرة وصارت ارملته (اي جدتي) تعمل في دار صك النقود والميداليات ايضا. ورافقها في الرحلة الى العاصمة الجديدة ابنها البكر رفائيل الذي اصبح موسيقياً يعزف على آلة الفيولونسيل ، وابنتها ايرينا. وحصلت الاسرة على سكن مؤلف من غرفة واحدة في مسكن عمومي يضم ست عوائل ويقع بالقرب من محطة مترو " بارك كولتوري" حاليا اي في وسط المدينة. وقد انهت امي ايرينا الدراسة في دورة تعليم التخطيط الهندسي، ومن ثم في معهد ادارة المكتبات وعملت فترة من الزمن في مصنع الساعات في موسكو. وحدث مرة ان دعتها رئيستها في الورشة لحديث خارج المصنع
 وحذرتها من وجوب ترك العمل فورا حيث بدأت مطاردة كل من له علاقة بأجانب.
ابنة الرفيق فهد سوزان مع حفيداته
وكان الجميع يعرفون علاقتها بزوجها يوسف سلمان (فرانك) الذي يعرف بكونه قادما من افغانستان ومهنته خبير في زراعة الكروم. واضطرت ايرينا الى ترك العمل في اليوم التالي لأن حملة الارهاب والتي شملت أيضا كل من له علاقة بالاجانب قد بلغت ذروتها آنذاك في عام 1937. وفيما بعد عملت في مكتبة المدرسية الحزبية بمعونة صديقة لها. علما انها تعرفت على ابي في بيت هذه الصديقة بالذات لدى حضورة حفلة عيد ميلاد. وقد انجذب اليها لانها كانت في شبابها مرحة وتجيد الغناء وتحب معاشرة الناس".

واضافت سوزانا قائلة : "لقد حدثتني أمي عن لقاء والدي مع ستالين الذي لم يعجبه قوله للزعيم السوفيتي ان هدف الشيوعيين في العراق حيث يسود النظام الاقطاعي وسيطرة الاستعمار البريطاني هو بناء حكم وطني غير تابع للاستعمار البريطاني ، وفي الوقت الحاضر لا يضعون امامهم مهمة بناء الشيوعية في العراق. وفعلا ان والدي ردد أكثر من مرة - كما قيل لي - انه انغمر في الحركة الوطنية قبل ان يكون شيوعيا. ويبدو ان هذا الكلام لم يحظ برضى ستالين كثيرا.

لكن ابي لم يتحدث ابدا مع امي عن وطنه العراق والاحوال السائدة هناك بحكم ظروف السرية التي كانت تحيط بدراسته الخفية في المدرسة الحزبية (الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق) وبإسم مستعار. لكنه كان يظهر معرفة جيدا بالتاريخ العربي والاسلامي حيث كان يدور الكلام عن الاوضاع في العالم العربي والاسلامي.
زوجة الرفيق مع لفيف من الطلبة العراقيين في موسكو
وكانت جدتي تحبه كثيرا وتطهي له خصيصا حساء (البورش) الموسكوفي الذي كان يحبه لدى زياراته الكثيرة لبيت العائلة . وكان يحب عموما طراز الحياة الروسي من لبس حذاء اللباد (فالينكي) الى وضع قبعة الفرو ذات الاذنين فوق رأسه. علما انه كان ذواقاً في الملبس ويهتم بالنظافة . والاهم من ذلك اهتمامه بالمحاضرات التي كان يلقيها الاساتذة في الجامعة. علما انه ارتبط مع العديد منهم بعلاقات مودة وكان يزورهم في بيوتهم. ناهيك عن كثرة المطالعة باللغة الانكليزية التي كان يتقنها. كما كان يحب ارتياد المسارح مع أمي ولاسيما لمشاهدة العروض الكلاسيكية . بالرغم من ان لغته الروسية لم تكن كافية لتفهم ما يقوله الممثلون، حيث كانت امي تساعده في الشرح. كما كان يحب التجول في ازقة وسط موسكو ، لأنه كان يعيش في القسم الداخلي التابع للجنة المركزية مقابل مطعم اراغفي عند تمثال يوري دولغوركي ومجلس بلدية العاصمة. ولهذا كان يتجول مع أمي في البولفارات (الحزام الاخضر) الممتد من ساحة بوشكين القريبة من المكان.

وحدثتني أمي مرة عن كيف انقذ أبي والدة امرأة ارادت الانتحار بالقفز من جسر كريمسكي الى نهر موسكفا. وكان في تلك اللحظة مع والدتي التي شهقت لدى رؤية المرأة تعتلي حاجز الجسر . فنزع والدي فورا الجاكتة وطلب من أمي ان تحافظ عليها مثل حدقة العين لان فيها جميع وثائق الهوية الشخصية وقفز وراء المرأة الى النهر . وتجمهر الناس هناك وشاهدوا كيف اخرج والدي المسكينة الى الضفة وساعد في نقلها الى سيارة الاسعاف التي جاءت الى المكان.
وكما قلت ان أمي لم ترغب في التحدث عن أبي بل كانت تكتفي بالقول انه رجل طيب احبته بكل صدق وبادلها هذا الحب نفسه. وقد عرفت بنبأ اعدامه في عام 1958 فقط حين جاءت وفود الحزب الى موسكو ، واستُدعيت آنذاك الى مقر اللجنة المركزية حيث جاءت سيارة خاصة لنقلها الى هناك. وحدثها مسؤول قسم الشرق الاوسط مالافانوف عن زوجها واسمه الحقيقي وجنسيته وكيف جرت محاكمته واعدامه في بغداد. ويومذاك جاءت الى البيت في حالة صعبة واستغرقت في ركن الغرفة بالبكاء. اذ كانت تأمل رغم كل شئ ان يعود زوجها الحبيب اليها مرة أخرى.

وكثرت زيارات الشخصيات الحزبية القادمة من العراق الى غرفتنا في المسكن العمومي فزارنا سلام عادل مرتين وزارنا جمال الحيدري ومحمد العبلي والدكتورة نزيهة الدليمي وغيرهم عدة مرات واستمرت الزيارات حتى نكبة شباط. وطبعا كنا نلتقي مع الشخصيات القادمة في الفنادق او في بيت ثمينة عادل او اماكن اخرى ايضا. وفي السنوات الاخيرة قبل وفاتها وبعد ان استلمنا شقة منفصلة كانت امي نادرا ما تغادر البيت بسبب حالتها الصحية".

هذا ما روته لي سوزان وهي تقلب صفحات البومات الصور الفوتوغرافية التي توجد فيها صور العائلة ، بينما لم توجد صورة واحدة للرفيق فهد مع امها اذا كان لا يسمح آنذاك له بالتقاط اي صورة فتوغرافية مع أي احد . لكن وجدت صوره وهو سجين يحمل سلاسل القيود بيديه وكذلك ما نشر في الصحف بعد اعدامه، ومنها صورة في صحيفة .. وهي صورة مشوهة حتى ان ايرينا لم تتعرف على زوجها (فرانك) فيها. ولهذا كانت تأمل دوما ان يكون على قيد الحياة. ان سوزان والابناء والاحفاد في عائلة سوزان يحتفظون بإعتزاز بكل ما يكتب عن الشهيد فهد في ملف خاص بالرغم من انهم لا يعرفون ما كتب عنه باللغة العربية التي يجهلونها. كما ان سوزان تعتبر عيد الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب عيدها ايضا.

10 آذار 2014
*http://al-nnas.com/ARTICLE/AbdHaba/10m0.htm
 

الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق الشيوعية هي الحياة فكيف يمكنها ان تموت -يوسف سلمان يوسف-/فهد

يوسف سلمان يوسف

يوسف سلمان يوسف

يوسف سلمان يوسف في الثلاثينات.
يوسف سلمان يوسف في الثلاثينات.

معلومات شخصية
الميلاد 1901
برطلة، الدولة العثمانية Ottoman flag.svg
الوفاة 14 شباط 1946
بغداد، المملكة العراقية
مواطنة Flag of Iraq.svg العراق  تعديل قيمة خاصية بلد المواطنة (P27) في ويكي بيانات
الديانة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية  تعديل قيمة خاصية الديانة (P140) في ويكي بيانات
الحزب الحزب الشيوعي العراقي  تعديل قيمة خاصية عضو في حزب سياسي (P102) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المهنة سياسي  تعديل قيمة خاصية المهنة (P106) في ويكي بيانات
سبب الشهرة أحد مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي.

يوسف سلمان يوسف كما يعرف غالباً باسمه الحركي فهد، هو أحد أول الناشطين السياسيين في العراق كما يعتبر من المؤسسين للحزب الشيوعي في العراق. أصبح بإعدامه أول سياسي يعدم في العراق.


نشأته

ولد يوسف في قرية برطلة في محافظة نينوى عام 1901 لعائلة مسيحية سريانية. وعند بلوغه السابعة انتقلت عائلته طلبا للعمل إلى البصرة وأدخل مدرسة السريان الابتدائية وبعد تخرجه منها دخل مدرسة ( الرجاء العالي ) الإمريكية. وبعد سنتين اضطر إلى ترك الدراسة بسبب الاوضاع الاقتصادية للعائلة, وفي عام 1916 اضطر للعمل في معمل صغير للثلج يعود لأخيه في الناصرية . وعاد ثانية إلى البصرة ليعمل كاتبا في ادارة توزيع الكهرباء في الميناء , وتعرف على احوال العمال وظروفهم في مشروع كبير, , ويروي شقيقه " داود سلمان يوسف" أحد قادة الأضراب الذي اعلنه عمال المسفن " الدوكيارد" في البصرة صيف 1918 في حديثه ل عزيز سباهي وكان الأثنان معتقلين في معتقل أبو غريب عام 1949 , أن فهد وكان وقتذاك شابا يافعا قام بصياغة وكتابة العريضة التي قدمها العمال لأدارة المسفن . ثم انتقل للناصرية واشتغل عاملا في معمل الثلج والطحين العائد لأخيه , وفتح مكتبة في الناصرية لبيع الكتب والصحف.

انتمائة للشيوعية

مطلع العشرينيات انتمى فهد إلى اول حزب وطني شعبي أسس في العراق ( الحزب الوطني العراقي ) واصبح مساعد رئيس فرع هذا الحزب في الناصرية (مدينة) . فكان وهو يمزج النضال الوطني بالنضال الطبقي يحس بعدم فاعلية اساليب النضال السائدة آنذاك فأنكب على مطالعة الكتب المتوفرة مثل ( البيان الشيوعي , مالعمل , الدولة والثورة ) ومراسلة الصحف البغدادية ( الشباب 1929 ) وكان وكيلها في البصرة ويتولى توزيعها , (البلاد 1929)
( , نداء العمال 1931 ),( الأهالي 1932 ) حتى اهتدى إلى الماركسية, وكان يجيد اللغات العربية والكلدانية والأنكليزية والروسية , ومعرفته لهذه اللغات مكنته من تتبع الأحداث الدولية عبر الصحافة الأجنبية .
آمن فهد بالنظرية الماركسية فوجد فيها السلاح لمقاومة الظلم والاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعية . وفي غمرة كفاحه الوطني التقى بامثاله من رواد الحركة الشيوعية في العراق وأسس اولى الخلايا الشيوعية في البصرة والناصرية عام 1929 بين صفوف العمال والفلاحين وكانت اولى الخلايا الماركسية التي تربط النظرية بالعمل وتساند الحزب الوطني العراقي الذي كان يترأسه "( محمد جعفر أبو التمن) وتجد فيه المجال العلني لنشاطها .
ومن اجل تطوير معارفه عن البلدان العربية قام بجولة في عدة اقطار عربية ( الكويت . سوريا ولبنان , فلسطين وشرق الأردن ) عام 1930 ونشر مقالاته عنها في جريدة ـ البلاد ـ وكان وقتها يرغب بالسفر إلى الاتحاد السوفيتي حيث حاول الاتصال بالحزب الشيوعي الفلسطيني خلال زيارته لفلسطين لكنه لم ينجح . هذا مع العلم انه سبق وان حاول السفر إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1929 حيث سافر إلى إيران واتصل بالقنصلية السوفيتية في شيراز من اجل السماح له بالسفر لكنه لم يتمكن لعدم حصوله على تزكية .
بعد إعلان المعاهدة العراقية ـ البريطانية الرابعة والتي تم توقيعها في 30 حزيران 1930 وعرفت بمعاهدة 1930 , تزايدت النشاطات الجماهيرية المناهضة للمعاهدة , والمطالبة بالأستقلال , مما دعى فهد للعودة إلى العراق ليكون في قلب الأحداث , حيث شارك في المؤتمر الوطني الذي تم عقده في 5 كانون الثاني 1931 , حسب ما ذكره شقيقه داود لعزيز سباهي , حيث سعى لعقده حزبا " الأخاء الوطني " و " الحزب الوطني العراقي " وقد شارك في هذا المؤتمر ممثلون عن العشائر وعدد من الشخصيات البارزة , إضافة إلى ممثلي الحزبين وشخصيات غير حزبية , واسفر عن توقيع مذكرة تطالب بتعديل المعاهدة واسقاط الوزارة وحل المجلس النيابي .
قاد فهد الاضراب العام في الناصرية عام 1931 والذي قتل فيه حسن عياش صديق ورفيق فهد . في مساء 13 كانون الأول عام 1932 اصدر فهد اول بيان يحمل شعار المطرقة والمنجل , ويا عمال العالم اتحدوا, ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية , ووقعها بأسم " عامل شيوعي " وتم تعليق البيان في 18 مكانا في الناصرية . عندها ضجت الدوائر الحكومية من نشاطه فأشتكوه إلى زعيم الحزب الوطني " أبو التمن " بأن مساعد رئيس فرع الحزب في الناصرية ( هدام ( فأجابهم أبو التمن : ( بل انه بناء يحاول ان يبني مع الفلاحين والضعفاء حياة سعيدة للناس وانني اعضده بما املك من طاقة ) .
في 20 شباط 1933 اعتقل فهد في الناصرية وكان اول عراقي يدافع عن الشيوعية ويعترف بأنه شيوعي امام المحاكم حيث اعلن بكل ثبات " انا شيوعي وهذا معتقدي واطلق سراحه بتدخل من أبو التمن . كان فهد دائم الاتصال بمنظمي الحلقات الماركسية في بغداد والمدن الاخرى .ونشط كثيرا في تعريف شيوعيي بغداد وتوثيق روابطهم بشيوعيي الناصرية والبصرة والديوانية والعمارة والنجف

تائسيس الحزب والسفر إلى الاتحاد السوفيتي

أسيس الحزب الشيوعي العراقي بتوحيد جميع تلك الحلقات في تنظيم مركزي , في 31آ ذار - 1934 وانتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب . في كانون الأول 1934 ارسله الحزب إلى موسكو للدراسة وهناك التقى برفيقة حياته وتزوج واثمر هذا الزواج عن بنت اسمها " سوزان " . زوجته كانت شيوعية وظلت حتى آخر حياتها تنتخب عضوة في المجلس الشعبي لمنطقتها . وابنته سوزان زارت العراق " الناصرية " مرة واحدة في السبعينات .
....................

زوجة فهد ..ارينا جيورجيفنا وابنتها وحفيداهما 1970

 من ارشيفي :
................زوجة فهد ..ارينا جيورجيفنا وابنتها وحفيداهما 1970
في تموز 1935 وصل يوسف سلمان يوسف (فهد ) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي موسكو للدراسة وقد تزوج من ارينا جيورجفينا وبقي حتى 1942 وعاد واعدم في العراق 1949 ..الصورة لارملته وابنتها وحفيداهما اخذت سنة 1970 كتبت انها تعرفت على فهد على ان اسمه فرانك فريدريك وان صديقتها المترجمة التي رافقته الى بيت ارينا للسكن فيه بعد وصوله موسكو قالت لها انه شاب افغاني كان يعلمها اللغة الانكليزية وتوطدت العلاقة بينهما وتزوجا كانت الافلام الثورية والفنون الشعبية تستهويه يحادث الناس بالروسية ويداعب الاطفال كان ثوريا رومانسيا يحب الموسيقى الكلاسيكية ويحب زيارة المتاحف اخفى عني سفره وعودته على امل ان يعود ليصطحبني لكني عرفت فيما بعد انه اعدم في بلده العراق لانه رفض ان يتخلى عن مبادئه الشيوعية (زهير الجزائري -طريق الشعب -البغدادية عدد خاص 31 اذار 1974 )
.................ابراهيم العلاف
.....................
شارك فهد في المؤتمر السابع للكومنترن " الاحزاب الشيوعية " الذي انعقد بين تموز وآب 1935 بصفة مراقب وشارك أيضا في مؤتمر الأتحاد العالمي للنقابات العمالية الذي انعقد في موسكو عام 1935 . وانهى دراسته في مدرسة " كادحي الشرق " بتفوق حيث انهاها بسنتين بدلا من ثلاث سنوات . سافر بعدها إلى فرنسا وبلجيكا للتدريب على النضال الثوري الشيوعي بين صفوف عمال المناجم , وكان يدعى هناك بأسم " فردريك .وعند نشوب الحرب الأهلية الأسبانية ابدى رغبته في التطوع في الفيلق الأممي لأسناد الجمهورية الأسبانية لكن طلبه رفض للحاجة له في مهمة إعادة بناء الحزب في العراق .

العودة للعراق ومصاعب واجهت الحزب

في 30 كانون الثاني 1938 عاد فهد إلى العراق ,بعد غياب ثلاث سنوات بين الدراسة في موسكو ومن جولته في بعض المدن الأوربية , فوجد الحزب قد تعرض لضربة قوية من قبل السلطات الحكومية , حيث نجحت السلطات في إعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره , وانسحاب البعض من الحزب وظن مناهضو الشيوعية , انه تم القضاء على الشيوعية في العراق , وان الحزب الشيوعي لن تقوم له قائمة في العراق و كما قال الباحث الكبير حنا بطاطو , ان الميل للشيوعية ( بدا ميلا لا مرد له , فما ان يقطع في مكان ما , حتى ينبع فجأة في مكان آخر).
وامضى فهد الأشهر الستة من عودته متنقلا في البلاد بغية التعرف بنفسه على الأوضاع الأجتماعية والسياسية ودراستها والتعرف بنفسه على وضع الحركة الوطنية , وظل يتنقل بين البصرة والناصرية وبغداد , ويلتقي بمن سلم من الشيوعيين القدامى من اعتقال الشرطة ,واستخدم خلال هذه الفترة اسم ( سعيد ) , فوجد الحزب الوليد مهشما , مبتليا بالفوضى التنظيمية , يسوده عدم الأنضباط الحزبي , فأهتم بأعادة بنائه مجددا وفق الأسس اللينينية التي تعلمها والخبرة التي اكتسبها , واستطاع ان يبني حزبا شيوعيا لايعرف المهادنة ولا المساومة.
وفي عام 1939 خرج الحزب للجماهير ثانية كمنظمة سياسية للطبقة العاملة العراقية واصدر في تشرين الأول 1939 منشورا للشعب محددا فيه مطاليب الشعب ومن بينها حقه في تأليف النقابات العمالية والأحزاب السياسية , ثم اصدر جريدة الحزب " الشرارة " في كانون الأول عام 1940.

نضاله

تشكلت لجنة مركزية للحزب في كانون الثاني 1941 من : ( يوسف سلمان , عبدالله مسعود القريني , وديع طليا , جورج يوسف , نعيم طويق , حسين طه ) وبعد مرور تسعة أشهر , في تشرين الثاني 1941 تشكلت لجنة مركزية جديدة ضمت :( يوسف سلمان , عبدالله مسعود القريني , صفاء الدين مصطفى , حسين محمد الشبيبي , وديع طليا , نعيم طويق , داود الصائغ , ذوالنون أيوب , امينة الرحال , زكي بسيم ) وانتخبت اللجنة المركزية فهد سكرتيرا عاما لها .
وفي مطلع عام 1942 كان الحزب بقيادة فهد وراء تقديم عدد من الشباب الديمقراطي طلبا لتأسيس حزب ( الوحدة الوطنية الديمقراطي ) وقد نشر برنامجه في جريدة الشرارة في شباط 1942 , ولكن الحكومة لم توافق على إجازته .
وفي الأسبوع الأول من تشرين الثاني عام 1942 سافر إلى موسكو للمشاركة في اجتماع ممثلي الاحزاب الشيوعية واثناء غيابه حصل انشقاق في الحزب واستولى المنشقون على مطبعة الحزب وجريدته . فأصدر الحزب في شباط 1943 جريدة ـ القاعدة ـ واسموها بالقاعدة تثمينا لدور قاعدة الحزب في انقاذ حزبها والمحافظة عليه وان القاعدة هي التي تشكل قلب الحزب وجوهره .
في منتصف نيسان 1943 عاد فهد للعراق , واتجه بقوة نحو تعزيز قاعدة الحزب العمالية والعناية بوجه خاص بالكادر العمالي الذي اثبت تمسكه بخط الحزب , وشن حملة على الأنتهازية من على صفحات جريدة القاعدة كاشفا عن جذرها الطبقي والعوامل التي تدفعها إلى التحرك ضد الحزب
في آذارعام 1944 عقد الحزب كونفرنسه ( المجلس الحزبي العام ) الأول في بيت العامل النقابي علي شكر الواقع في منطقة الشيخ عمر في بغداد , والذي حضره " 18 رفيقا " ويشكلون اعضاء اللجنة المركزية ومندوبي لجان الفروع واللجان الحزبية , وقدم فهد فيه التقرير السياسي الذي حلل فيه بشكل بارع الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في العراق لتلك الفترة فضلا عن الوضع العالمي وقدم كذلك " الميثاق الوطني " الذي شخص فيه الاهداف الوطنية لشعبنا والتي ما زالت تحتفظ بحيويتها حتى الآن , على سبيل المثال : 1ـ نناضل من اجل سيادتنا الوطنية ( استقلال حقيقي للبلاد) 2ـ نناضل لأيجاد حكومة تعمل لمصلحة الشعب , ونظام ديمقراطي
في آذار عام 1945 عقد المؤتمر الوطني الاول في احدى بيوت اصدقاء الحزب في منطقة الكرخ في بغداد والذي حضره " 27 رفيق " والذي تم فيه تقديم التقرير التنظيمي والنظام الداخلي للحزب وقد وضع فهد فيه كل خبرته وما درسه وتعلمه , إضافة إلى ترسيخه تقاليد وقيم ثورية متينة , جعلت الحزب قلعة حصينة مكنته من الصمود امام اقسى ما عرفه العراق من وحشية واعمال تصفية جسدية وعمقت جذوره في ضمير الشعب العراقي وانتخب المؤتمر لجنة مركزية , والتي انتخبت فهد سكرتيرا عاما للحزب والمكتب السياسي , وتركزت اعمال المؤتمر حول التنظيم , وسمي بـ " مؤتمر التنظيم " وعقد المؤتمر تحت شعار " قووا تنظيم حزبكم , قووا تنظيم الحركة الوطنية " , وكذلك ناقش المؤتمر التقرير السياسي الذي أعده فهد بعنوان " حول الوضع العالمي والداخلي "
في عام 1945 وبفضل الجهود الكبيرة التي بذلها الحزب بقيادة فهد تم تأسيس عصبة مكافحة الصهيونية التي قدمت طلبها للأجازة في 12 أيلول 1945 , وتميزت بدور هام في النشاط السياسي العراقي آنذاك واصدار جريدتها "العصبة " وكتب فهد معظم افتتاحيات جريدة العصبة .
قاد فهد مباشرة اول معركة لجماهير الشعب في بغداد حيث اندلعت في 28 حزيران 1946 مظاهرة صاخبة , شارك فيها حوالي " 3000 متظاهر " دشن من خلالها المناضلون الأوائل خوض المعارك الجسورة دفاعا عن الحريات الديمقراطية في العراق واحتجاجا على الأعمال الاجرامية في فلسطين وتأييد شعب مصر من اجل الجلاء . وتصدت لها شرطة العهد الملكي بالهراوات والسلاح واستشهد فيها خمسة متظاهرين كان احدهم عضوا في الحزب هو الشهيد شاؤول طويق .
وتحت تأثير النهوض الثوري العالمي بالأنتصار على الفاشية عمت العراق موجة من النهوض الثوري , عمل الحزب بقيادة فهد على توجيهها نحو اهداف الشعب في التحرر والديمقراطية وشجع الأحزاب الوطنية على النشاط الشرعي واستثمر جميع الأمكانيات السرية والعلنية لنشر الوعي والتثقيف بأهم القضايا الوطنية
حول فهد الحزب بين 1941ـ 1947 إلى قوة سياسية متماسكة وفعالة وبنى له قاعدة جماهيرية ,واصبح حزبا يتصدر نضالات الشعب وكانت جريدة القاعدة تطبع " 3000 " نسخة , وكتب بهجت العطية مدير الأمن العام آنذاك تقريرا في نيسان 1949 اشار فيه إلى ان : ( العقائد الشيوعية انتشرت انتشارا واسعا في المدن الكبيرة , إلى درجة ان الحزب اجتذب اليه في أيامه الأخيرة ما يقرب من 50% من شباب الطبقات كافة , ووجدت الشيوعية طريقها كذلك إلى السجون التي أصبحت فترة من الزمن تمثل مؤسسات تعليمية شيوعية )

اعتقاله

وفي ليلة 18-1-1947 تم اعتقاله ورفيقه زكي بسيم الملقب بحازم ) وعزيز عبدالهادي , في بيت إبراهيم ناجي شميل الواقع في محلة الصالحية في منطقة الكرخ في بغداد , والذي كان على بعد رمية حجر من مقر الأقامة الخاص بوزير الداخلية وكان على موعد للأجتماع بالشخصية الوطنية سعد صالح زعيم حزب الأحرار , وكان فهد قد اضطر في تلك الأيام إلى ان يتخلى عن تشدده المعتاد في التحرك السري والتردد على بيوت عديدة , وذلك من اجل تدارك الأوضاع التي تعرضت لها الحركة الوطنية , لأن الخلافات الحادة التي نشبت بين القوى الوطنية والحاجة إلى رأب الصدع بين هذه القوى وفضح ما يبيته الحكم قد تطلبت نشاطا مكثفا من جانب الحزب الشيوعي وقائده بالذات .
اخذ فهد ورفاقه اولا إلى المقر الرئيسي لمديرية الأستخبارات في مركز بغداد , وبعد فشل سلسلة من التحقيقات , , عمدت إلى نقلهم إلى سجن أبي غريب العسكري , وكان اعتقال فهد نكبة وطنية حقيقية تركت آثارها ليس على الحزب الشيوعي العراقي فقط بل وعلى عموم الحركة الوطنية . وتمت محاكمته في آيار 1947 مع (35) من رفاقه كانت محاكمته ملحمة رائعة للدفاع عن الشيوعية وعن الشيوعيين العراقيين واستطاع فهد بدفاعه المتين عن الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي ان يجعل الخصم في موقع الاتهام ونشرت الصحف فقرات من دفاعه , وتلقفتها الجماهير , فمثلا بيعت جريدة " الرائد "التي نشرت دفاع فهد في المحكمة بـ " 250 " فلسا في وقت كان ثمن النسخة الواحدة من الجريدة آنذاك عشرة فلوس فقط . وكان دفاع فهد ورفاقه في قاعة المحكمة دفاعا عن الحركة الوطنية وفضحا لخيانة اعداء الشعب . مما دفع الحكومة إلى تحويل المحاكمة إلى جلسات مغلقة في 24-6-1947 صدر الحكم عليه بالاعدام وبسبب حملات الاحتجاج العالمية اضطرت حكومة صالح جبر إلى ابدال حكم الاعدام بالسجن المؤبد في13-7 -1947وفي اليوم التالي نقل إلى سجن بغداد المركزي , وفي ليلة 14-15 آب 1947 نقل إلى سجن الكوت , وهناك حول فهد السجن إلى مدرسة او معهد ثقافي ثوري وكان يقود الحزب وهو في السجن من خلال الرسائل التي كانت تكتب بماء البصل .

اعدامه

بعد وثبة كانون1948. وتصاعد التوتر العالمي وفي 6-1-1949 اصبح نوري السعيد المعروف بعدائه للشيوعية رئيسا للوزراء واعلنت حالة الطوارئ والاحكام العرفية تحت ذريعة حماية مؤخرة الجيش في فلسطين واعلن نوري السعيد في البرلمان ان هدف حكومته ( ان تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد ). واعادت حكومة نوري السعيد محاكمة الرفيق فهد ورفاقه , وحكمت عليه المحكمة بالأعدام وتم تنفيذ حكم الأعدام قبل اعلانه وذلك يوم 14 شباط 1949 حوالي الساعة الرابعة والنصف من فجر ذلك اليوم .
ولقد اشرف السفير البريطاني بنفسه على المحاكمة وعلى تنفيذ الحكم وقال : ( سوف لا تقوم قائمة للشيوعيين في العراق لعشر سنوات قادمة ( ولقد ذكر كامل الجادرجي ذلك في مذكراته. ويقول الجادرجي كذلك في مذكراته : ( كان في حينه قد اخبرني صبيح ممتاز عندما كان يشغل مدير العدلية العامة بأن جمال بابان " وزير العدلية " استدعى ثلاثة حكام ممن حكموا فهد وجماعته بالأعدام ووزع عليهم مبلغ ( 800 ) دينار من المخصصات السرية كتشجيع . وقال صبيح في حينه انه نفسه الذي وزع المبلغ المذكور بحضور جمال بابان واضاف صبيح قائلا : ان جمال تدخل تدخلا فعليا في محكمة التمييز لحمل المحكمة على تصديق الحكم ) .
وقد كان إعدام فهد ورفاقه " عملا ظالما خارجا عن القانون العراقي الذي كان ساري المفعول آنذاك جملة وتفصيلا " كما جاء في مقال للدكتور وليد عبدالخالق إبراهيم في جريدة المؤتمر ليوم 14 أيلول 2001 , مفندا التهم التي بموجبها صدر حكم الأعدام , " فتهمة الأتصال بالأجنبي التي وجهت إلى فهد ورفاقه كان يمكن ان توجه إلى كافة اعضاء النظام الملكي آنذاك " وكذلك تهمة " التحريض على قلب الحكومة كان يمكن ان توجه إلى كافة سياسي النظام الملكي , حيث كان يحوك كل منهم الدسائس والمؤامرات للأخر " أما تهمة التظاهر واعمال الشغب والأضطرابات والتمردات فكان يمكن ان " توجه إلى اعضاء حزب الأستقلال وبقية احزاب المعارضة وكافة شيوخ العشائر " .
ولقد كانت الحكومة الملكية الرجعية واهمة بأنها عندما قامت بإعدام سكرتير الحزب وعضوي مكتبه السياسي , وإعتقال كوادره , ومصادرة اجهزته الطباعية , وانهيار من كان يتولى المسؤولية الأولى الميدانية في الحزب وتحوله إلى دليل للشرطة الجنائية , وتوجيهها بذلك ضربة شديدة وقاسية للحزب وتنظيماته , فأن الحزب سوف لن تقوم له قائمة , وان الشيوعية قد ماتت, وعاد الحزب لنشاطه بعد اقل من سنة . فهد اول عراقي حكم بالأعدام لأنه شيوعي . وعند نقله من سجن الكوت إلى بغداد قبل اعدامه قال لرفاقه : ايها الرفاق :( قد لا نلتقي بعد , أنتم مسؤولون عن التنظيم وصيانة جوهركم الثوري.( وعندما فتح باب الزنزانة واقتيد لتنفيذ الحكم قال لرفاقه : ) وداعا ايها الرفاق . صونوا حزبكم ). ( وداعا يا رفاقي وداعا ) وكررها ثلاث مرات . وعندما سأله الجلادون من تريد رؤيته قبل الموت ؟ طلب رفيقيه زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وأخيه المعتقل داود وإحدى قريباته , وارسل إلى امه رسالة شفوية مع أخيه قائلا : (انك ستذهب اليها , فبلغها : ان يوسف قد عذبك كثيرا واتعبك , الا انه لم يكن ثمة طريق آخر سوى هذا الطريق , طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الأستعمار وقبل اعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة : (الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق الشيوعية هي الحياة فكيف يمكنها ان تموت (
وبعد ثورة 14 تموز تم رد الاعتبار لفهد ورفاقه . ففي 24/2/1959 اصدرت حكومة الثورة قرارا بأعتبار الاعمال التي حكموا بسببها هي من اعمال الكفاح الوطني التي تستاهل التقدير واعتبارهم " شهداء الشعب "

عائلته

تزوج فهد من مناضلة ثورية روسية تدعى ارينا جيورجيفنا تعرف عليها عندما سافر إلى الاتحاد السوفيتي عام 1942 وانجب منها بنت اسماها سوزان تقول جيورجيفنا وهي تصف فهد : تعرفت على فهد على ان اسمه فرانك فريدريك وان صديقتها المترجمة التي رافقته إلى بيت ارينا للسكن فيه بعد وصوله موسكو قالت لها انه شاب افغاني كان يعلمها اللغة الإنكليزية وتوطدت العلاقة بينهما وتزوجا كانت الافلام الثورية والفنون الشعبية تستهويه يحادث الناس بالروسية ويداعب الاطفال كان ثوريا رومانسيا يحب الموسيقى الكلاسيكية ويحب زيارة المتاحف اخفى عني سفره وعودته على امل ان يعود ليصطحبني لكني عرفت فيما بعد انه اعدم في بلده العراق لانه رفض ان يتخلى عن مبادئه الشيوعية وقد زارت ابنة فهد (سوزان) الناصرية عام 1970.
...............

 

السبت، 25 مارس 2017

استوحى نجيب محفوظ من شخصيته فكرة فيلم «الكرنك» قصة «خالد صفوان» الحقيقي: كان ينفخ معدة المعتقل بالهواء ومات في حادث بأسياخ الحديد


استوحى نجيب

استوحى نجيب محفوظ من شخصيته فكرة فيلم «الكرنك»


من شخصيته فكرة فيلم «الكرنك»

قصة «خالد صفوان» الحقيقي: كان ينفخ معدة المعتقل بالهواء ومات في حادث بأسياخ الحديد




لم يسلم منه أحد من معتقلي السجن الحربي، يرتعدون فور سماعهم لاسمه خشية ما سيؤول إليه وقوعهم بين يديه، وهو من تفنن في طرق تعذيبهم، بجانب إهاناته لهم بدرجة كبيرة وصلت إلى حد قوله: «أنا القانون والدولة والقاضي والجلاد.. أنا الذي لا أستلم المساجين بإيصال.. ولا يعلم أحد عددهم عندي».
ظل اسم اللواء حمزة البسيوني مصدر رعب لكافة المعتقلين السياسيين من خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأطلق عليه الكثيرون لقب «الجلاد».
في مقال للكاتب صلاح عيسى بصحيفة «البيان الإماراتية» ذكر أن اللواء حمزة البسيوني أصبح قائدًا للسجن الحربي بعد فترة قليلة من ثورة 23 يوليو 1952.
ويُعتبر «البسيوني» هو أول من فتح أبواب السجن الحربي للمعتقلين السياسيين وللمدنيين، بعد أن كانت زنازينه مقتصرة على استقبال ضباط القوات المسلحة المخالفين لقوانين الجيش فقط.
خلال احتجاز صلاح عيسى بسجن القلعة عام 1966 استمع من زملائه عن روايات عدة بخصوص تعذيبهم في السجن الحربي، حتى أنه اعتبر الوضع هناك أسوأ مما هو داخل محبس ليمان طرة حسب وصفه، ومن هذه الشهادات تكونت في ذهنه صورة عن «البسيوني» تتمثل في كونه «حيوان أسطوري مخيف قبيح الصورة، بارز الأنياب، طويل المخالب» حسب تعبيره.
نتيجة بحث الصور عن كلاب السجن
ووفق ما ذكره مصطفى عبيد في دراسته المنشورة بصحيفة «الوفد» تفنن «البسيوني» في طرق التعذيب، منها دهن الجسد بالزيت حتى تكون ضربات السياط أكثر ألمًا، وتعليق المسجون من بنطاله من السقف حتى يكون مقلوبًا لساعات، كذلك استخدامه المنفاخ لملء معدة المعتقل بالهواء، بجانب وضع ألواح بها مسامير لإجبار الفرد على المشي عليها.
يقول الراحل مصطفى أمين، وفق ما نقله «عبيد» بدراسته، أن الكلاب كانت تستعمل بكثره للتعذيب، ويحكي عن نفسه أنه فور دخوله المعتقل التف حوله كلبين اسمهما «ميمي وليلى»، قبل أن يتعرض لواحد أشرس يُدعى «لاكي»، وهو المشهور بضخامته داخل السجن.
وشهد «أمين» بأن الكلاب كانت بمثابة «أمراء» داخل مملكة حمزة البسيوني، ولهم كلمة عليا قبل السجانين أنفسهم، لدرجة عدم تناول الضباط للطعام إلا بعد انتهاء الكلاب من وجباتها.
وحسب المنشور بصفحة «على أبواب المحروسة»، بموقع «فيسبوك»، كان «البسيوني» يقول للمعتقلين: «استطيع أن أقتل منكم كل يوم مائة كلب ولا يحاسبني أحد»، ورد على أحد المسجونين أثناء دعائه تحت وطأة التعذيب بقوله: «ربنا في الزنزانة اللي جنبك».
واستوحى الأديب الراحل نجيب محفوظ فكرة رواية «الكرنك» منه، تحديدا شخصية «خالد صفوان» التي لعبها كمال الشناوي، بعد أن شاهده خلال جلوسه بأحد مقاهي العباسية في ستينيات القرن الماضي حسب رواية «عبيد»، وقتها ذُهل «محفوظ» من هرولة العاملين لإحضار الشيشة لهذه الشخصية، وفور أن علم بأنه مدير السجن الحربي المشهور بشراسته أصيب بدهشة شديدة، لكون ملامحه لا تدل عن المساوئ التي يسمعها بحقه.
هذه الأسطورة انتهت في أعقاب هزيمة 5 يونيو 1967، حينما صدر قرار بإحالة «البسيوني» على المعاش، كذلك ألقت السلطات القبض عليه للتحقيق معه فيما يخص انحرافاته.

وللمصادفة دخل «البسيوني» سجن القلعة الذي كان صلاح عيسى نزيلًا فيه، وظنه الكاتب أن والده لحق به في المحبس نظرًا لتشابه ملامحهما، لكن بمرور الوقت لاحظه يمر من أمام زنزانته بشكل يومي.
عندما رآه صلاح عيسى لم يكن على علم بأنه الجلاد الشهير، خاصةً أنه كان يتعرض لإهانات من السجانين كأمرهم له بالمشي بطريقة أسرع، والالتزام بالتعليمات دون أي انحراف، وهو ما كان يقبله دون أي تذمر.
وجه الشبه بين والد صلاح عيسى وحمزة البسيوني دفع الكاتب لأن يحبه لهذا السبب، كذلك لاتسام وجه مدير السجن الحربي السابق بعلامات البراءة والطفولة حسب تعبيره.
في أحد الأيام التي سار فيها «البسيوني» بممر السجن نظر لصلاح عيسى الذي أوقفه، وقتها عرّف نفسه قائلًا: «أنا حمزة البسيوني»، ليصاب الآخر بذهول شديد لثوانٍ قليلة قطعها صوت السجان وهو يصيح: «وبعدين.. امشي من سكات».
قضى «البسيوني» عامين داخل السجن وخرج وفق ما ذكره مصطفى عبيد، ليعيش بعد الإفراج عنه بعيدًا عن الأضواء.
في 19 نوفمبر 1971، الموافق لأول أيام عيد الفطر، استقل «البسيوني» سيارته متوجهًا من الإسكندرية إلى القاهرة، وخلال سيره أصطدم بعربة نقل محملة بأسياخ حديد البناء ليموت على الفور، وعثر المسعفون على جثته وهي مشهوة بشكل غريب، كما وجدوا شقيقه بجواره متوفيًا كذلك.
نتيجة بحث الصور عن سجن

الأربعاء، 22 مارس 2017

كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة/ للشاعر المصري مصطفى الجزار



رفضت لجنة التحكيم في مسابقة أمير الشعراء في أبو ظبي، قصيدة ملحمية للشاعر المصري مصطفى الجزار، وعنوانها :
(كفكف دموعك وانسحب يا عنترة!!)
السبب الذي تعللت به لجنة التحكيم لرفض القصيدة هو "أن موضوعها لا يخدم الشعر الفصيح" !!!
والشاعر بأسلوب رائع صور أن الأمة هي ( عبلة ) وأن ( عنترة ). هو العربي الغيور على أمته ...
مجلة "المستقبل العربي" قررت نشر القصيدة وهُنا نصُها :
'.....................................
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة

لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ
سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً
فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرة
والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ
فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسيطرة
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها
واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مقبرة
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً!
وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغرغرة
اكتبْ لها ما كنتَ تكتبُه لها
تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمرة
يا دارَ عبلةَ بالعراقِ تكلّمي
هل أصبحَتْ جنّاتُ بابل مقفرة؟
هـل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُهُ
وكلابُ أمريكا تُدنِّس كوثرَه؟
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً
عبداً ذليلاً أسوداً ما أحقرَه
متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفاً
نسبوا لكَ الإرهابَ صِرتَ مُعسكَرَه
عَبْسٌ تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم
حُمُرٌ ـ لَعمرُكَ ـ كلُّها مستنفِرَة
في الجاهليةِ..كنتَ وحدكَ قادراً
أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِرَه
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ
فالزحفُ موجٌ..والقنابلُ ممطرة
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ
بينَ الدويِّ وبينَ صرخةِ مُجبرَة
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
كيفَ الصمودُ؟ وأينَ أينَ المقدرة!
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ
متأهبباتٍ..والقذائفَ مُشهَرَة
لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى
ولَصاحَ في وجهِ القطيعِ وحذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم
مفتاحَ خيمتِهم، ومَدُّوا القنطرة
فأتى العدوُّ مُسلَّحاً، بشقاقِهم
ونفاقِهم ، وأقام فيهم مِنبرَه
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم
فالعيشُ مُرٌّ.. والهزائمُ مُنكَرَة
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها
مَن يقترفْ في حقّها شرّا..يَرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها
لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً
في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبرة
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها
تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ.. لِتَعبُرَه
---------------------
عجباً لمثل هذه القصيدة تخرج من السباق ولا تلامس أسماع العالم ..
😊😊 فلننشرها نحن ✔✔

السبت، 18 مارس 2017

ريما خلف - الهنيدي...شجاعة العالم كله

ريما خلف - الهنيدي (ولدت عام 1953)، اقتصادية وسياسية أردنية، حاصلة على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأمريكية في بيروت كما حصلت على الماجستير والدكتوراه في علم الأنظمة من جامعة بورتلند الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية.
اختيرت من قبل صحيفة الفايننشل تايمز كإحدى الشخصيات الخمسين الأولى في العالم التي رسمت ملامح العقد الماضي.
تشغل حاليا منصب أمينة تنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ”الإسكوا“ في بيروت ”لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا“ التابعة للأمم المتحدة.
جوائز:
جائزة جامعة الدول العربية للمرأة العربية الأكثر تميّزاً في المنظمات الدولية عام 2005
شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2009 تقديراً لما أطلقته من مبادرات للمنطقة في التعليم، وحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، والنمو الاقتصادي. وفي كانون الأوّل/ديمسبر 2009.
مناصب شغلتها عدل
مناصب:
شغلت عدة مناصب منها:
وزيرة الصناعة والتجارة في المملكة الأردنية الهاشمية 1993 - 1995
وزيرة التخطيط في المملكة الأردنية الهاشمية 1995 - 1998
وزيرة التخطيط ونائبة رئيس الوزراء 1999 - 2000
مساعدة للأمين العام للأمم المتحدة ومديرة إقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2000 - 2006
رئاسة المجلس الاستشاري لصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية 2006-2007
...............
 كتاب استقالة الدكتورة ريما خلف "وبعد إمعان النظر في الأمر، أدركت أنني أنا أيضاً لا خيار لي. أنا لا أستطيع أن أسحب، مرة أخرى، تقريراً للأمم المتحدة، ممتازَ البحثِ والتوثيقِ، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. غير أنني أدرك أيضاً، أن التعليمات الواضحة للأمين العام للأمم المتحدة لا بد من أن تنفذ. ولذلك، فإن هذه العقدة لا تحل إلا بأن أتنحى جانباً وأترك لغيري أن يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به."
-------------------
حضرة الأمين العام،
لقد فكرت مليا في الرسالة التي بعثتها لي من خلال مديرة ديوانك. وأؤكد أنني لم أشكك للحظة في حقك بإصدار تعليماتك بسحب التقرير من موقع الإسكوا الالكتروني، كما لم أشكك في أن علينا جميعا كموظفين لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أن ننفذ تعليمات أمينها العام. وأنا أعرف على وجه اليقين التزامك بمبادئ حقوق الإنسان عامة وموقفك إزاء حقوق الشعب الفلسطيني خاصة. وأنا أتفهم كذلك القلق الذي ينتابك بسبب هذه الأيام الصعبة والتي لا تترك لك خيارات كثيرة.
وليس خافياً علي ما تتعرض له الأمم المتحدة، وما تتعرض له أنت شخصياً، من ضغوط وتهديدات على يد دول من ذوات السطوة والنفوذ، بسبب إصدار تقرير الإسكوا (الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبارتايد). وأنا لا أستغرب أن تلجأ هذه الدول، التي تديرها اليوم حكومات قليلة الاكتراث بالقيم الدولية وحقوق الإنسان، إلى أساليب التخويف والتهديد حين تعجز عن الدفاع عن سياساتها وممارساتها المنتهكة للقانون. وبديهي أن يهاجم المجرم من يدافعون عن قضايا ضحاياه. لكنني أجد نفسي غير قابلة للخضوع إلى هذه الضغوط.
لا بصفتي موظفةً دوليةً، بل بصفتي إنساناً سوياً فحسب، أؤمن –شأني في ذلك شأنك-بالقيم والمبادئ الإنسانية السامية التي طالما شكلت قوى الخير في التاريخ، والتي أُسست عليها منظمتنا هذه، الأمم المتحدة. وأؤمن مثلك أيضاً بأن التمييز ضد أي إنسان على أساس الدين أو لون البشرة أو الجنس أو العرق أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يصبح مقبولاً بفعل الحسابات السياسية أو سلطان القوة. وأؤمن أن قول كلمة الحق في وجه جائر متسلط، ليس حقاً للناس فحسب، بل هو واجب عليهم.
في فترة لا تتجاوز الشهرين، وجهت لي تعليمات بسحب تقريرين أصدرتهما الإسكوا، لا لشوائبَ تعيب المضمون ولا بالضرورة لأنك تختلف مع هذا المضمون، بل بسبب الضغوطات السياسية لدول مسؤولة عن انتهاكات صارخة لحقوق شعوب المنطقة ولحقوق الإنسان عموماً.
لقد رأيتَ رأي العين كيف أن أهل هذه المنطقة يمرون بمرحلة من المعاناة والألم غير مسبوقة في تاريخهم الحديث؛ وإن طوفان الكوارث الذي يعمهم اليوم لم يكن إلا نتيجة لسيل من المظالم، تم التغاضي عنها، أو التغطية عليها، أو المساهمة المعلنة فيها من قبل حكومات ذات هيمنة وتجبر، من المنطقة ومن خارجها. إن هذه الحكومات ذاتها هي التي تضغط عليك اليوم لتكتم صوت الحق والدعوة للعدل الماثلة في هذا التقرير.
واضعةً في الاعتبار كل ما سبق، لا يسعني إلا أن أؤكد على إصراري على استنتاجات تقرير الإسكوا القائلة بأن إسرائيل قد أسست نظام فصل عنصري، أبارتايد، يهدف إلى تسلط جماعة عرقية على أخرى.
إن الأدلة التي يقدمها التقرير قاطعة، وتكفيني هنا الإشارة إلى أن أياً ممن هاجموا التقرير لم يمسوا محتواه بكلمة واحدة. وإني أرى واجبي أن أسلط الضوء على الحقيقة لا أن أتستر عليها وأكتم الشهادة والدليل. والحقيقة المؤلمة هي أن نظام فصل عنصري، أبارتايد، ما زال قائما في القرن الحادي والعشرين، وهذا أمر لا يمكن قبوله في أي قانون، ولا أن يبرر أخلاقياً بأي شكل من الأشكال.
وإنني في قولي هذا لا أدعي لنفسي أخلاقاً أسمى من أخلاقك أو نظرا أثقب من نظرك، غاية الأمر أن موقفي هذا قد يكون نتيجة لعمر كامل قضيته هنا، في هذه المنطقة، شاهدة على العواقب الوخيمة لكبت الناس ومنعهم من التعبير عن مظالمهم بالوسائل السلمية.
وعليه، وبعد إمعان النظر في الأمر، أدركت أنني أنا أيضاً لا خيار لي. أنا لا أستطيع أن أسحب، مرة أخرى، تقريراً للأمم المتحدة، ممتازَ البحثِ والتوثيقِ، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. غير أنني أدرك أيضاً، أن التعليمات الواضحة للأمين العام للأمم المتحدة لا بد من أن تنفذ. ولذلك، فإن هذه العقدة لا تحل إلا بأن أتنحى جانباً وأترك لغيري أن يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به. وإنني أدرك أنه لم يبق لي في الخدمة غير أسبوعين، لذلك فاستقالتي هذه لا تهدف إلى الضغط السياسي عليك. إنما أستقيل، ببساطة، لأنني أرى أن واجبي تجاه الشعوب التي نعمل لها، وتجاه الأمم المتحدة، وتجاه نفسي، ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر.
وبناء عليه، أقدم إليك استقالتي من الأمم المتحدة.











الأربعاء، 1 مارس 2017

معالم الطريق إلى الإرهاب - بقلم: مصطفى السعيد (الأهرام)

بقلم: نارام سرجون

مقال جدير بالقراءة: معالم الطريق إلى الإرهاب - بقلم: مصطفى السعيد (الأهرام)
------------------------------------------------------------------------------------
ليست كراهية الجماعات السلفية للفن لاعتقادهم فقط أنه حرام، بل لأن الفن والجمال عموما من أشد أعداء هذه الجماعات، التي ترى كل ما هو جميل فتنة، يحبب الناس في الدنيا، بينما ترتكز دعواهم على ازدراء الدنيا، والتفكير فقط في الآخرة، لأنها الخطوة الأولى نحو الإرهاب.
لا يمكن أن تجد متطرفا يمارس أو يحب أي نوع من الفنون، ولا زار متحفا أو دار أوبرا، أو حتى معرضا للوحات فنية، لهذا كانت المعارض وحفلات الغناء أهم أهداف جنازير وسنج وسيوف الجماعات المتطرفة في الجامعات منذ أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وكانت كوكب الشرق أم كلثوم هدفا للشيخ عبد الحميد كشك، يسبها ويتهكم على أغانيها وسط الآلاف من مستمعي خطبه، ومعهم عشرات أجهزة التسجيل ليروجوا أشرطة كاسيت خطبه في القرى والمدن.
إذا كنت قد شاهدت مكان اعتصام الجماعات السلفية قرب تمثال النهضة أمام جامعة القاهرة ستعرف مدى تعايشهم مع القبح، في الملبس والمأكل والسلوك، حيث اعتادوا ذبح المواشي وسلخها وترك آثار الدماء في موقع اعتصامهم الشهير.
يكرهون جمال المرأة، لأنها تبعث على الأمل والرغبة في الحياة، لهذا تمادوا في إخفاء وتشويه جمالها، وكلما ازداد زيها قبحا رأوه تقربا إلى الله.
إنهم لا يرون في الحياة الدنيا إلا أنها بلاء واختبار، لهذا لن تجد بين خطبهم إشادة بإنجاز علمي أو أدبي، اللهم إلا السيارات المفخخة ومدفع جهنم.
الخطوة التالية في طريق الإرهاب هي الكراهية، التي رفعوها إلى مكانة أحد أركان الإسلام، وفق تأويلهم لمفهوم «الولاء والبراء»، ويقولون إن غالبية الناس تجاهلت هذا الركن، وأنهم جاءوا هم ليخرجوه من دائرة الغفلة، وإذا كان مفهوم الولاء هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم . فقد اختزلوا مفهوم البراء في كراهية كل من يخالفهم معتقداتهم، بوصفهم من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق .
ويستندون إلى تفسير بعض الدعاة لهذا المفهوم، ليجعلوا من العداوة والبغضاء من متممات الدين، فطالما أحببت دينك عليك أن تكره وتعادي من لا يعتنقه، فلا يوجد في نظرهم إلا طريقان أو فسطاطان، الأول إلى الله والثاني إلى الشيطان.
ويتطلب هذا المفهوم عدم موالاة الفاسقين والمبتدعين أو التشبه بهم في اللبس والكلام، واتخاذهم أصدقاء أو بطانة أو مستشارين، واستعمال التاريخ الميلادي لأنه مرتبط بطقوس الكفار والمشركين وأعيادهم، وعدم التسمي بأسمائهم أو مساعدتهم في الإعداد لأعيادهم أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، ومنع مدحهم أو الإشادة بأي نجاح حققوه، أو ذكر محاسن حضارة أو مدنية أو الإعجاب بأخلاقهم ومهارتهم.
هكذا يكون المتطرف قد رأى أن كل من يختلف معه في القليل أو الكثير مما يعتقده يجب أن يضعه في دائرة المكروه، مهما تكن أخلاقه سامية أو سلوكه راقيا، فهو في نظره ليس إلا من أتباع الشيطان، وتصل القطيعة معه إلى درجة الخصومة والعداء حتى لو لم يلحق به أي إيذاء، وهذه الصورة الشيطانية لا تقتصر على أصحاب الديانات الأخرى، بل تمتد إلى المسلمين الذين لا يشاطرونه معتقداته، لأنهم في نظره فاسقين ومبتدعين وعصاة، وتمهد هذه النظرة للخطوة التالية وهي «التكفير»، والذي يتسع مفهومه ليشمل من لا يلتزم بزيهم، ويعيش نمط حياتهم، ويحرصون على توسيع الفجوة مع من يعتقدون أنهم كفار، حتى إذا ما حان تطبيق الفريضة الغائبة، وهي الجهاد، يكونون قد تهيأوا لقتل هؤلاء الكفار، فلا تأخذهم بهم رحمة. لا ينتبه الكثيرون، وربما يتغاضون عن تلك الخطوات الأولى في تشكيل الجماعات الإرهابية، ولا يتحركون إلا عندما تتحول هذه الجماعات من ممارسة التكفير إلى إعلان الجهاد، وهي خطوة غاية في البساطة، وانتقال طبيعي بل ضروري إلى تطبيق فريضة «الجهاد» الغائبة، مثلما ترى أن «الولاء والبراء» وفق تفسيرهم ركن غائب من أركان الإسلام.
إن أعدادا ضخمة من أعضاء هذه الجماعات مستعدون للانتقال من التكفير بالكلمة إلى الجهاد بالمتفجرات، وهؤلاء يشكلون خطرا وشيكا يهدد المجتمع، وقنابل قابلة للانفجار في أية لحظة، تدمر وتحرق وتقتل بمجرد صدور فتوى تدعو إلى حمل السلاح لإنشاء دولة الخلافة المزعومة، والتي تبين أنها لا تمارس كل أنواع القتل والنهب والاغتصاب في المناطق التي أقاموا عليها إماراتهم أو دولة الخلافة التي أنشأها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا.
وحتى إذا افترضنا بحسن نية أن هؤلاء سيتوقفون عن حدود التكفير، فإنهم طاقة تعطل تطور المجتمع، وتسحبه إلى هوة الماضي السحيقة، وتنقله من معايشة الحياة ومحاولة تطويرها إلى جرنا لثقافة الموت، والانشغال فقط بعذاب الآخرة وحوريات الجنة، فهؤلاء معادون للعلم والفن والتطور، ويسعون إلى تقويض كل أسس التقدم، لأنهم يكرهون الحياة، ولا يرون فيها إلا ملهاة يجب درء مفاتنها.
إننا نحتاج إلى مشروع يعيد الاعتبار للحياة، ويهزم مشروع الموت المبكر للمجتمع، الذي تبشر به هذه الجماعات، مشروع يسمو بالحياة ويقدسها بالعلم النافع والفن الراقي وقيم التسامح والحب، مشروع للابتسامة في مواجهة التجهم، وللجمال في مواجهة القبح، وللحب في مواجهة الكراهية.
===================================
الرابط الأصلي للمقال:
http://www.ahram.org.eg/…/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D…